Tuesday 30 January 2007

في بيتنا دموع

في الساعة السادسة وخمس دقائق هطلت على ملعب الشيخ زايد أمطار من نوع آخر....فقد كانت تلك الامطار تهطل من عيني اللاعب العراقي هوار ملا محمد.......ولم تهطل تلك الأمطار على ساحة الملعب فقط بل وهطلت في اليوم التالي على معظم وسائل الاعلام التي اهتمت بالحدث أكثر من خروج العراق من البطولة, في الحقيقة أنا شخصيا استغربت من وسائل الاعلام هذه واهتمامهم الشديد بالحدث حيث لم تخل نشرة اخبارية واحدة من هذا الخبر في معظم وسائل الاعلام العربية والأغرب أنه أصبح الشغل الشاغل للمنتديات العراقية وغير العراقية وكذلك رسائل الجوال التي شاهدتها خصوصا على القناة العراقية الرياضية.....حيث أن هذا الحدث موجود يوميا في بيتنا وبيت جارنا وبيوت الأقرباء والأصدقاء في كوردستان عقب كل مباراة من مباريات المنتخب سواء كانت النتيجة الهزيمة أو الفوز الذي تعقبه أغنية حسام الرسام والتي تقول كلماتها "الأسد يمشي على جرحه ومايبين بيه جريح.....هذا طبعك ياعراقي ومايصح إلا الصحيح" ولكن في تلك الأمسية لم يصح الصحيح حيث أن أسود الرافدين خرجوا من البطولة بهدف من ضربة جزاء غير صحيحة بشهادة الحكم الدولي علي بوجسيم ((وشهد شاهد من أهلها)) حيث أقصي حكم المباراة من البطولة عقب المباراة
في تلك الليلة لبست كوردستان الزي الكوردي الجميل ولكنه لم يكن جميلا كما هو دائما حيث كان اللباس اسودا قاتما, وبعد ساعات ذهبت في حاجة الى بيت عمي حيث أخبرني أنه كان يبكي كما كان يبكي عقب كل فوز للمنتخب في آسياد الدوحة واتصل بعمي في حينها أحد أقارب زوجته الذي لم يكن حاله أحسن من حال عمي, وهكذا حل الحزن في كل مكان ولكننا لم نكن نبكي كما كنا نبكي عندما كان الاسود يفوزون في كل مباراة في الآسياد حيث كانت دموع فرح كردستان تلألئ المكان, في المباراة التالية بين المنتخب السعودي والمنتخب الاماراتي ذهبت مع ابن خالي عند جارهم الذي يعمل في أحد محلات الحلاقة للرجال في مدينة دهوك حيث أخبرني بأن الشباب يجتمعون هناك لمشاهدة المباراة, وبالطبع كان الكل يشجع المنتخب الاماراتي باعتبار أن المنتخب السعودي هو الذي أقصى الاسود من البطولة, وعندما أتت الدقيقة الواحد والتسعين وثلاثين ثانية عندما أطلق اللاعب الامارتي إسماعيل مطر رصاصة الرحمة على المنتخب السعودي, خرجت من الجميع صرخات فرح تهتف "كوووووووووول" أصمَت مسامعنا لدقائق, وبعد اطلاق الحكم صافرة النهاية هنأ الجميع هناك بعضهم وبعد بضعة دقائق دخل رجل وسيم في الثلاثينات من عمره وصرخ فينا وقال "بيروزه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ....انتقمولنا الاماراتيين" ورغم اعتراضي على كلمة انتقام ولكنها عكست مدى غيرة ذلك المواطن على بلده
والعجب كل العجب من العجب الذي شاهدته من الجميع, واني اتساءل ألم يبكوا هم يوما على منتخباتهم, وأود أن أضيف أن في أحدى زياراتي لاحدى محافظات الجنوب والذي صادفت أحدى البطولات المهمة, وعندما سألت أصدقاءي وبعض الناس هناك عن مشاعرهم بفوز منتخبنا في اليوم السابق, بالطبع كان الجميع فرحين جدا بالنتيجة ولكنهم استغربوا عندما قلت لهم أن يوم أمس عقب المباراة كنت جالسا أبكي من الفرح ولم أتوقع الاستغراب منهم كون ذلك كان شيئا معتادا عندنا, لاأقول أن غيرة الأكراد وحبهم للوطن أكثر من العرب ولكن يبدو أنهم عاطفييون أكثر منهم
وبما أننا نتحدث الآن في غيرة وحب العراقيين وانتماءهم للوطن فلا بد أن أنوه لشئ مهم أردت طويلا أن أنوه عنه ولكن في حينها لم أكن أدون بعد, ألا وهي مسألة رفع علم العراق (علم البعث أو علم الأنفال عند الأكراد) من على جميع مؤسسات أقليم كوردستان, ففي ذلك الوقت قامت الدنيا ولم تقعد والكل اتهم الأكراد بأنهم يريدون الإنفصال, والحقيقة أنه تحت هذه الراية تم قتل مئات الآلاف من الأكراد ومئات من عائلة مسعود بارزاني نفسه, ذلك العلم الذي كل ما رآه فرد عايش العذاب (ومن من الأكراد لم يعاني من جبروت ذلك النظام) كلما رآه تذكر تلك المآساة, فآثر السيد البارزاني على أن يزال ذلك العلم من كوردستان, وقد صرح البارزاني أنه سيقف بكل فخر واعتزاز أمام أي علم عراقي آخر مثله مثل أي عراقي, وهذا ليس حبرا على ورق, لم؟؟؟ سأخبركم لم, وأدعوكم الى زيارة أربيل عاصمة أقليم كوردستان العراق حتى تشاهدوا الدليل بأنفسكم, فالداخل الى مدينة كوردستان وخاصة من جهة مدينة الموصل سيشاهد أول مايشاهد, اللوحات الاعلانية الضخمة مكتوب عليها "أوه ايمه عراقيين" أو بالعربي "هذولة احنا العراقيين" والتي لاتخل منطقة من مناطق أربيل من هذه اللوحات والتي تجدد باستمرار, والذي زادني دهشة أنني في احدى زياراتي لمدينة الموصل لم أشاهد حتى لوحة اعلانية واحدة من تلك المنتشرة بكثرة في كوردستان
وسؤالي أيها الأخوة....هل اقتنعتم الآن أن وطنية الأكراد وحبهم لهذا الوطن لايقل عن وطنية وحب العرب....والأصح أن يقال أن حب ووطنية العرب لاتقل عن تلك التي عند الأكراد

No comments: